الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
الْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ, وَلَيْسَتْ فَرْضًا، وَمَنْ تَرَكَهَا غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْهَا فَلاَ حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. وَمَنْ ضَحَّى عَنْ امْرَأَتِهِ، أَوْ وَلَدِهِ، أَوْ أَمَتِهِ فَحَسَنٌ، وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ فِي ذَلِكَ. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ إذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الْحِجَّةِ أَنْ لاَ يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ، وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ، لاَ بِحَلْقٍ، وَلاَ بِقَصٍّ، وَلاَ بِنُورَةٍ، وَلاَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُضَحِّيَ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ نَا أَبِي نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو نَا عُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: سَمِعْت أُمَّ سَلَمَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَأَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الْحِجَّةِ فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَلْمٍ الْبَلْخِيّ ثِقَةٌ أَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ رَأَى هِلاَلَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ. فَقَوْلُهُ عليه السلام: " فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بُرْهَانٌ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ مَرْدُودَةٌ إلَى إرَادَةِ الْمُسْلِمِ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَيْسَ فَرْضًا. وقال أبو حنيفة: الْأُضْحِيَّةُ فَرْضٌ، وَعَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ زَوْجَتِهِ فَجَمَعَ وُجُوهًا مِنْ الْخَطَأِ، أَوَّلُهَا: إيجَابُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ إيجَابُهَا عَلَى امْرَأَتِهِ ; وَإِذْ هِيَ فَرْضٌ فَهِيَ كَالزَّكَاةِ، وَمَا يَلْزَمُ أَحَدٌ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ امْرَأَتِهِ، وَلاَ أَنْ يُهْدِيَ عَنْهَا هَدْيَ مُتْعَةٍ، وَلاَ جَزَاءَ صَيْدٍ، وَلاَ فِدْيَةَ حَلْقِ الرَّأْسِ مِنْ الأَذَى. ثُمَّ خِلاَفُ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ أَنْ لاَ يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلاَ مِنْ ظُفْرِهِ شَيْئًا كَمَا ذَكَرْنَا. فإن قيل: كَيْفَ لاَ تَكُونُ فَرْضًا وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ فَرْضًا عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ: أَنْ لاَ يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلاَ مِنْ ظُفْرِهِ إذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ قلنا: نَعَمْ، لأََنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِالْأُضْحِيَّةِ، فَلَمْ نَتَعَدَّ مَا حَدَّ، وَكُلُّ سُنَّةٍ لَيْسَتْ فَرْضًا، فَإِنَّ لَهَا حُدُودًا مَفْرُوضَةً لاَ تَكُونُ إِلاَّ بِهَا كَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِصَلاَةٍ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَلَّا يُصَلِّيَهَا إِلاَّ بِوُضُوءٍ، وَإِلَى الْقِبْلَةِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا، وَأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا وَيَرْكَعَ، وَيَسْجُدَ، وَيَجْلِسَ، وَلاَ بُدَّ، وَكَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُهُ الصَّائِمُ وَإِلَّا فَلَيْسَ صَوْمًا. وَهَكَذَا كُلُّ تَطَوُّعٍ فِي الدِّيَانَةِ، وَالْأُضْحِيَّةُ كَذَلِكَ إنْ أَدَّاهَا كَمَا أُمِرَ وَإِلَّا فَهِيَ شَاةُ لَحْمٍ وَلَيْسَتْ أُضْحِيَّةً. فإن قيل: فَقَدْ جَاءَ مَا حَقُّ امْرِئٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ عليه السلام دَلِيلاً عِنْدَكُمْ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ فَرْضًا، بَلْ هِيَ عِنْدَكُمْ فَرْضٌ قلنا: نَعَمْ، لأََنَّهُ قَدْ جَاءَ نَصٌّ آخَرُ بِإِيجَابِ الْوَصِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ قَالَ تَعَالَى: وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مِخْنَفٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِعَرَفَةَ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أَنْ يَذْبَحُوا فِي كُلِّ رَجَبٍ شَاةً وَفِي كُلِّ أَضْحَى شَاةً. وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ نَا ابْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ نَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ زُرَارَةَ بْنِ كَرِيمِ بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مَنْ شَاءَ فَرَّعَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُفَرِّعْ وَمَنْ شَاءَ عَتَرَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ، وَفِي الْغَنَمِ أُضْحِيَّتُهَا. وَمِنْ طَرِيقِ الطَّبَرِيِّ أَيْضًا: حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِمٍ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أُمِّ بِلاَلٍ الأَسْلَمِيَّةِ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُمِرْتُ بِالأَضْحَى وَلَمْ تُكْتَبْ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ أَنْعُمٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ الضَّبِّيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ أَنْ نُضَحِّيَ وَيَأْمُرُ أَنْ نُطْعِمَ مِنْهَا الْجَارَ وَالسَّائِلَ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا الرَّبِيعُ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالأَضْحَى. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلْيُضَحِّ. وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِي نَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزٍ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلاَ يَقْرَبْ مُصَلَّانَا وَكُلُّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ. أَمَّا حَدِيثُ مِخْنَفٍ فَعَنْ أَبِي رَمْلَةَ الْغَامِدِيِّ، وَحَبِيبِ بْنِ مِخْنَفٍ وَكِلاَهُمَا مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى. وَأَمَّا حَدِيثُ الْحَارِثِ فَهُوَ عَنْ يَحْيَى بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِيهِ وَكِلاَهُمَا مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى. وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ بِلاَلٍ فَفِيهِ أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى هِيَ مَجْهُولَةٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَيَّاشٍ فَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَابْنُ أَنْعُمٍ وَكِلاَهُمَا فِي غَايَةِ السُّقُوطِ. وَأَمَّا حَدِيثُ الْحَسَنِ فَمُرْسَلٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكِلاَ طَرِيقَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ فَلَيْسَ مَعْرُوفًا بِالثِّقَةِ فَسَقَطَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ فِي ذَلِكَ. وَذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: قال أبو محمد: وَهَذَا قَوْلٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَقَالَ تَعَالَى: كَمَا رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَبْلَهُمْ قَالَ: إنَّهَا الأَضَاحِيُّ. وَذَكَرُوا أَيْضًا قوله تعالى: قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا أَمْرُهُ عليه السلام بِإِعَادَةِ الذَّبْحِ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ لأََنَّهُ أَمْرٌ مِنْهُ عليه السلام، وَلاَ نَكِرَةَ فِي وُجُودِ أَمْرٍ فِي الدِّينِ لَيْسَ فَرْضًا وَيَكُونُ الْعِوَضُ مِنْهُ فَرْضًا فَهُمْ مُوَافِقُونَ لَنَا فِيمَنْ تَطَوَّعَ بِيَوْمٍ لَيْسَ فَرْضًا فَأَفْطَرَ عَمْدًا أَنَّ قَضَاءَهُ عَلَيْهِ فَرْضٌ. وَيَقُولُونَ فِيمَنْ حَجَّ تَطَوُّعًا فَأَفْسَدَهُ: أَنَّ قَضَاءَهُ فَرْضٌ، وَإِنَّمَا يُرَاعِي أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا وُجِدَ فِيهِ فَهُوَ فَرْضٌ، وَمَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ فَلَيْسَ فَرْضًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام: وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ فَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ أَمْرَ فَرْضٍ صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ ضَحَّى بِبَعِيرٍ فَنَحَرَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضًا أَنْ يَذْبَحَ فَصَحَّ أَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ إيجَابَ الْأُضْحِيَّةِ: مُجَاهِدٌ، وَمَكْحُولٌ. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ: لَمْ يَكُونُوا يُرَخِّصُونَ فِي تَرْكِ الْأُضْحِيَّةِ إِلاَّ لِحَاجٍّ، أَوْ مُسَافِرٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلاَ يَصِحُّ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي سُرَيْحَةَ حُذَيْفَةَ بْنَ أُسَيْدَ الْغِفَارِيِّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْت أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَمَا يُضَحِّيَانِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُقْتَدَى بِهِمَا. وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ هُوَ شَقِيقُ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْبَدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَدَعَ الْأُضْحِيَّةَ وَإِنِّي لَمِنْ أَيْسَرِكُمْ مَخَافَةَ أَنْ يَحْسِبَ النَّاسُ أَنَّهَا حَتْمٌ وَاجِبٌ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا أَبُو الأَحْوَصِ أَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ هُوَ الْجُعْفِيُّ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ لِي بِلاَلٌ: مَا كُنْت أُبَالِي لَوْ ضَحَّيْت بِدِيكٍ، وَلاََنْ آخُذَ ثَمَنَ الْأُضْحِيَّةِ فَأَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ مُقْتِرٍ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُضَحِّيَ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَقِيلِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: الْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ تَمِيمِ بْنِ حُوَيْصٍ الأَزْدِيُّ قَالَ: ضَلَّتْ أُضْحِيَّتِي قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَهَا فَسَأَلْت ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لاَ يَضُرُّك هَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ: وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدِينِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَعْطَى مَوْلًى لَهُ دِرْهَمَيْنِ وَقَالَ: اشْتَرِ بِهِمَا لَحْمًا وَمَنْ لَقِيَك فَقُلْ: هَذِهِ أُضْحِيَّةُ ابْنِ عَبَّاسٍ. قال أبو محمد: لاَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَاجِبَةٌ. وَصَحَّ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَ، أَنَّهُ قَالَ: لاََنْ أَتَصَدَّقَ بِثَلاَثَةِ دَرَاهِمَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُضَحِّيَ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَنْ عَطَاءٍ، وَعَنْ الْحَسَنِ، وَعَنْ طَاوُوس، وَعَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَلْقَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ. وَلاَ تَجْزِي فِي الْأُضْحِيَّةِ الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، بَلَغَتْ الْمَنْسَكَ أَوْ لَمْ تَبْلُغْ، مَشَتْ أَوْ لَمْ تَمْشِ. وَلاَ الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْجَرَبُ مَرَضٌ فَإِنْ كَانَ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا لاَ يَبِينُ أَجْزَأَ. وَلاَ تَجْزِي الْعَجْفَاءُ الَّتِي لاَ تُنْقِي، وَلاَ تَجْزِي الَّتِي فِي أُذُنِهَا شَيْءٌ مِنْ النَّقْصِ أَوْ الْقَطْعِ، أَوْ الثَّقْبِ النَّافِذِ، وَلاَ الَّتِي فِي عَيْنِهَا شَيْءٌ مِنْ الْعَيْبِ، أَوْ فِي عَيْنَيْهَا كَذَلِكَ، وَلاَ الْبَتْرَاءُ فِي ذَنَبِهَا. ثُمَّ كُلُّ عَيْبٍ سِوَى مَا ذَكَرْنَا فَإِنَّهَا تَجْزِي بِهِ الْأُضْحِيَّةُ كَالْخَصْيِ، وَكَسْرِ الْقَرْنِ دَمِيَ، أَوْ لَمْ يَدْمَ وَالْهَتْمَاءُ وَالْمَقْطُوعَةُ الأَلْيَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ لاَ تَحَاشَّ شَيْئًا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانِ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ كُلِّهِمْ: نَا شُعْبَةُ سَمِعْت سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْت عُبَيْدَ بْنَ فَيْرُوزَ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْبَعٌ لاَ تُجْزِي فِي الأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لاَ تُنْقِي. قَالَ الْبَرَاءُ: فَمَا كَرِهْت مِنْهُ فَدَعْهُ، وَلاَ تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ. قَالَ عَلِيٌّ: الَّتِي لاَ تُنْقِي هِيَ الَّتِي لاَ شَيْءَ مِنْ الشَّحْمِ لَهَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَلَّ أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَإِنْ كَانَتْ عَجْفَاءَ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ، هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ وَأَنْ لاَ نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ، وَلاَ بِمُدَابَرَةٍ، وَلاَ بَتْرَاءَ، وَلاَ خَرْقَاءَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ نَا زُهَيْرٌ، هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ نَا أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيِّ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ وَكَانَ رَجُلَ صِدْقٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ، وَالْأُذُنَ، وَلاَ نُضَحِّيَ بِعَوْرَاءَ، وَلاَ مُقَابَلَةٍ، وَلاَ مُدَابَرَةٍ، وَلاَ خَرْقَاءَ، وَلاَ شَرْقَاءَ. قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْت لأََبِي إِسْحَاقَ: مَا الْمُقَابَلَةُ قَالَ: تَقْطَعُ طَرَفَ الْأُذُنِ، قُلْت: فَمَا الْمُدَابَرَةُ قَالَ تَقْطَعُ مُؤَخِّرَ الْأُذُنِ، قُلْت فَمَا الشَّرْقَاءُ قَالَ: تَشُقُّ الْأُذُنَ، قُلْت: فَمَا الْخَرْقَاءُ قَالَ: تَخْرِقُ أُذُنَهَا السِّمَةُ. نَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ نَا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ نَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيّ نَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ نَا أَبُو كَامِلٍ مُظَفَّرُ بْنُ مُدْرِكٍ نَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الأَضَاحِيِّ قَالَ قَيْسٌ: قُلْت لأََبِي إِسْحَاقَ: سَمِعْته مِنْ شُرَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَشْوَعَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: نَا عَلِيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ فَارِسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيل الْبُخَارِيِّ مُؤَلِّفِ الصَّحِيحِ قَالَ شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ الصَّايِدِيُّ: سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ،، وَوَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَشْوَعَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: سَلِيمَةُ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ وَسَعِيدُ بْنُ أَشْوَعَ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ. فَصَحَّ هَذَا الْخَبَرُ. وَبِهِ يَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَفْتَى بِهَذَا وَقَالَ فِي الْأُضْحِيَّةِ: لاَ مُقَابَلَةَ، وَلاَ مُدَابَرَةَ، وَلاَ شَرْقَاءَ، سَلِيمَةُ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَلِيمُ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ كَرِهَ نَاقِصَ الْخَلْقِ وَالسِّنِّ. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُضَحَّى بِالأَبْتَرِ. وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُضَحَّى بِالأَبْتَرِ. وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُضَحَّى بِالأَبْتَرِ. وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يُضَحَّى بِالأَبْتَرِ، وَاحْتَجُّوا بِأَثَرَيْنِ رَدِيئَيْنِ أَحَدُهُمَا: مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ الْجُعْفِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَرَظَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: اشْتَرَيْتُ كَبْشًا لأَُضَحِّيَ بِهِ فَعَدَا الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ فَقَطَعَهُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ضَحِّ بِهِ، وَالآخَرُ: مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُضَحَّى بِالْبَتْرَاءِ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهَا. جَابِرٌ كَذَّابٌ، وَحَجَّاجٌ سَاقِطٌ، وَعَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ رِيحٌ. وَرُوِيَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ، وَالْحَكَمِ: إجَازَةُ الْبَتْرَاءِ فِي الْأُضْحِيَّةِ. وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ حَدَّ الْقَطْعَ فِي الْأُذُنِ بِالنِّصْفِ فَأَكْثَرَ. وَلأََبِي حَنِيفَةَ قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: إنْ ذَهَبَ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْأُذُنِ، أَوْ الذَّنَبِ، أَوْ الأَلْيَةِ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ: أَجْزَأَتْ فِي الْأُضْحِيَّةِ، فَإِنْ ذَهَبَ الثُّلُثُ فَصَاعِدًا لَمْ تُجْزِ. وَالآخَرُ أَنَّهُ حَدَّ ذَلِكَ بِالنِّصْفِ مَكَانَ الثُّلُثِ. قَالَ: فَإِنْ خُلِقَتْ بِلاَ أُذُنٍ أَجْزَأَتْ وَرُوِيَ عَنْهُ لاَ تُجْزِي. وقال مالك: إنْ كَانَ الْقَرْنُ ذَاهِبًا لاَ يَدْمَى أَجْزَأَتْ، فَإِنْ كَانَ يَدْمَى لَمْ تُجْزِ، وقال أبو حنيفة، وَمَالِكٌ فِي الْعَرْجَاءِ: إذَا بَلَغَتْ الْمَنْسَكَ: أَجْزَأَتْ. قَالَ عَلِيٌّ: هَذِهِ أَقْوَالٌ لاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلاَ يُعْرَفُ التَّحْدِيدُ الْمَذْكُورُ بِالثُّلُثِ، أَوْ النِّصْفِ فِي كُلِّ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ طَرِيقِ لاَ تَصِحُّ فِي الْعَرْجَاءِ إذَا بَلَغَتْ الْمَنْسَكَ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ الْمَنْعُ مِنْ الْعَرْجَاءِ جُمْلَةً. وَيُقَالُ لِمَنْ صَحَّحَ هَذَا: إنَّ الْمَنْسَكَ قَدْ يَكُونُ عَلَى ذِرَاعٍ وَأَقَلَّ وَيَكُونُ عَلَى فَرْسَخٍ فَأَيَّ ذَلِكَ تُرَاعُونَ وَرُوِيَ فِي الأَعْضَبِ أَثَرٌ: أَنَّهُ لاَ يُجْزِي، وَلاَ يَصِحُّ، لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ جَرِيِّ بْنِ كُلَيْبٍ، وَلَيْسَ مَشْهُورًا عَمَّنْ لَمْ يُسَمَّ عَنْ عَلِيٍّ. وَجَاءَ خَبَرٌ فِي أَنَّهُ لاَ تُجْزِي الْمُسْتَأْصَلَةُ قَرْنُهَا، وَلاَ يَصِحُّ ; لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حُمَيْدٍ الرُّعَيْنِيُّ عَنْ أَبِي مُضَرَ وَهُمَا مَجْهُولاَنِ. وَحَدِيثٌ آخَرُ فِي أَنَّهُ لاَ تُجْزِي الْجَدْعَاءُ، وَلاَ يَصِحُّ ; لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ الْجُعْفِيُّ. وَلاَ تُجْزِي فِي الأَضَاحِيِّ جَذَعَةٌ، وَلاَ جَذَعٌ أَصْلاً لاَ مِنْ الضَّأْنِ، وَلاَ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ وَيُجْزِي مَا فَوْقَ الْجَذَعِ، وَمَا دُونَ الْجَذَعِ، وَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ، وَالْمَاعِزِ، وَالظِّبَاءِ، وَالْبَقَرِ: هُوَ مَا أَتَمَّ عَامًا كَامِلاً وَدَخَلَ فِي الثَّانِي مِنْ أَعْوَامِهِ، فَلاَ يَزَالُ جَذَعًا حَتَّى يُتِمَّ عَامَيْنِ وَيَدْخُلَ فِي الثَّالِثِ فَيَكُونُ ثَنِيًّا حِينَئِذٍ. هَكَذَا قَالَ فِي الضَّأْنِ وَالْمَاعِزِ الْكِسَائِيُّ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَهَؤُلاَءِ عُدُولُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي اللُّغَةِ، وَقَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ فِي دِينِهِ وَعِلْمِهِ. وَقَالَهُ الْعَدَبَّسُ الْكِلاَبِيُّ، وَأَبُو فَقْعَسٍ الأَسَدِيُّ، وَهُمَا ثِقَتَانِ فِي اللُّغَةِ. وَقَالَ ذَلِكَ فِي الْبَقَرِ وَالظِّبَاءِ أَبُو فَقْعَسٍ، وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ. وَالْجَذَعُ مِنْ الْإِبِلِ مَا أَكْمَلَ أَرْبَعَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي الْخَامِسَةِ، فَهُوَ جَذَعٌ إلَى أَنْ يَدْخُلَ السَّادِسَةَ فَيَكُونُ ثَنِيًّا هَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إذَا اشْتَرَيْت أُضْحِيَّةً فَاسْتَسْمِنْ فَإِنْ أَكَلْت أَكَلْت طَيِّبًا، وَإِنْ أَطْعَمْت أَطْعَمْت طَيِّبًا، وَاشْتَرِ ثَنِيًّا فَصَاعِدًا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ نَا هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: ضَحُّوا بِثَنِيٍّ فَصَاعِدًا، وَسَلِيمِ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: ضَحُّوا بِثَنِيٍّ فَصَاعِدًا، وَلاَ تُضَحُّوا بِأَعْوَرَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لاَ تُجْزِي إِلاَّ الثَّنِيَّةُ فَصَاعِدًا. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا حُصَيْنٌ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: رَأَيْت هِلاَلَ بْنَ يَسَافٍ يُضَحِّي بِجَذَعٍ مِنْ الضَّأْنِ فَقُلْت: أَتَفْعَلُ هَذَا فَقَالَ: رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَةَ يُضَحِّي بِجَذَعٍ مِنْ الضَّأْنِ. فَهَذَا حُصَيْنٌ قَدْ أَنْكَرَ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ فِي الْأُضْحِيَّةِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: يُجْزِي مَا دُونَ الْجَذَعِ مِنْ الْإِبِلِ عَنْ وَاحِدٍ فِي الْأُضْحِيَّةِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي مُعَاذٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: يُجْزِي الْحُوَارُ عَنْ وَاحِدٍ يَعْنِي الْأُضْحِيَّةَ وَالْحُوَارُ هُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ سَاعَةَ تَلِدُهُ. وَبُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا هَذَا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنَا هُشَيْمٌ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ خَالَهُ أَبَا بُرْدَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عِنْدِي عَنَاقَ لَبَنٍ، وَهِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ قَالَ: هِيَ خَيْرُ نَسِيكَتَيْكَ، وَلاَ تُجْزِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ زُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ الْيَامِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ: أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ قَالَ: اذْبَحْهَا وَلَنْ تُجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ. وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ الْبَرَاءَ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ أَيْضًا. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَقَطَعَ عليه السلام أَنْ لاَ تُجْزِيَ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَ أَبِي بُرْدَةَ، فَلاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ تَخْصِيصُ نَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ بِذَلِكَ ; وَلَوْ أَنَّ مَا دُونَ الْجَذَعَةِ لاَ يُجْزِي لَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَأْمُورُ بِالْبَيَانِ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى: قلنا: نَعَمْ، وَالْعَنَاقُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الضَّانِيَةِ كَمَا يَقَعُ عَلَى الْمَاعِزَةِ، وَلاَ فَرْقَ. وَقَالَ الْعَدَبَّسُ الْكِلاَبِيُّ، وَأَبُو فَقْعَسٍ الأَسَدِيُّ، وَكِلاَهُمَا مِمَّا نَقَلَ الأَئِمَّةُ عَنْهُمَا اللُّغَةَ: الْجَفْرُ، وَالْعَنَاقُ، وَالْجَدْيُ، مِنْ أَوْلاَدِ الْمَاعِزِ إذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَكَذَلِكَ مِنْ أَوْلاَدِ الضَّأْنِ. فَإِنْ قَالُوا: فَإِنَّ مُطَرِّفَ بْنَ طَرِيفٍ رَوَاهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ فَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعْزِ، قَالَ: اذْبَحْهَا، وَلاَ تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ. قلنا: نَعَمْ، وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ هَذَا كُلَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ عَنْ قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ، فَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنْ الْبَرَاءِ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُجْزِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ هِيَ الزَّائِدَةُ مَا لَمْ يَرْوِهِ مَنْ لَمْ يَرْوِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ خَبَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَحُكْمٌ وَارِدٌ لاَ يَسَعُ أَحَدًا تَرْكُهُ. وَإِنَّمَا يَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ مُطَرِّفٍ هَذَا مَنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْجَذَعِ إِلاَّ مِنْ الْمَاعِزِ فَقَطْ، وَأَمَّا مَنْ مَنَعَ مِنْ الْجِذَاعِ كُلِّهَا مِمَّا عَدَا الضَّأْنِ فَلاَ حُجَّةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ، بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. كَمَا أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ نَفْسَهُ قَدْ رَوَاهُ زَكَرِيَّا عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ: أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ عِنْدِي شَاةً خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْنِ قَالَ: ضَحِّ بِهَا فَإِنَّهَا خَيْرُ نَسِيكَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا لاَ تُجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ. وَكَذَلِكَ رِوَايَتُنَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ نَفْسَهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ الْقَائِلَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي جَذَعَةٌ هِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ أَفَأَذْبَحُهَا فَرَخَّصَ لَهُ. قَالَ أَنَسٌ: فَلاَ أَدْرِي أَبْلَغَتْ رُخْصَةٌ مِنْ سِوَاهُ أَمْ لاَ فَلَمْ يَجْعَلْ الْمُخَالِفُونَ سُكُوتَ زَكَرِيَّا عَمَّا زَادَهُ غَيْرُهُ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ خُصُوصٌ، وَلاَ سُكُوتَ أَنَسٍ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا وَمَغِيبُ ذَلِكَ عَنْهُ حُجَّةٌ فِي رَدِّ الزِّيَادَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا غَيْرُهُمَا فَمَا الَّذِي جَعَلَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَاجِبًا أَخْذُهَا، وَزِيَادَةُ مَنْ زَادَ لَفْظَةَ " الْجَذَعَةِ " لاَ يَجِبُ أَخْذُهَا إنَّ هَذَا لَتَحَكُّمٌ فِي الدِّينِ بِالْبَاطِلِ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ هَذَا. قال أبو محمد: وَقَدْ جَاءَ خَبَرٌ يُمْكِنُ أَنْ يُشْغَبَ بِهِ، وَهُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ نَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ قَعَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ: أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ قَالُوا: بَلَى ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ انْكَفَأَ إلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَإِلَى جَذِيعَةٍ مِنْ الْغَنَمِ فَقَسَّمَهَا بَيْنَنَا. قَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ إيَّاهَا لِيُضَحُّوا بِهَا، وَلاَ أَنَّهُمْ ضَحَّوْا بِهَا وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ عليه السلام قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ، وَالْكَذِبُ لاَ يَحِلُّ. قَالَ عَلِيٌّ: ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ كَلاَمِنَا هَهُنَا فِي الأَضَاحِيِّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ أَنْ لاَ يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا، وَلَمْ نَذْكُرْ اعْتِرَاضَ الْمُخَالِفِينَ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْيَانِ فَاسْتَدْرَكْنَا هَهُنَا مَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا أَفْتَتْ بِذَلِكَ. وَحَدَّثَنَا حَمَامٌ نَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ نَا مُسَدَّدٌ نَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ نَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ نَا ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ هُوَ يَحْيَى أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ كَانَ يُفْتِي بِخُرَاسَانَ: أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اشْتَرَى أُضْحِيَّةً، وَدَخَلَ الْعَشْرُ أَنْ يَكُفَّ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ. قَالَ سَعِيدٌ: قَالَ قَتَادَةُ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقُلْت: عَمَّنْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ: عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ مُسَدَّدٌ: وَحَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ شَعْرِهِ حَتَّى يَكْرَهَ أَنْ يَحْلِقَ الصِّبْيَانُ فِي الْعَشْرِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَخَالَفَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ وَمَا نَعْلَمُ لَهُمَا حُجَّةً أَصْلاً، إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا بِالأَطِّلاَءِ فِي الْعَشْرِ، قَالُوا: وَهُوَ رَاوِي هَذَا الْخَبَرِ. وَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ هَذَا الْخَبَرَ فَقَالَ: فَهَلاَّ اجْتَنَبَ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ غَيْرَ هَذَا أَصْلاً، وَهَذَا كُلُّهُ لاَ شَيْءَ: أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ سَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا بِالأَطِّلاَءِ فِي الْعَشْرِ ; فَالأَحْتِجَاجُ بِهِ بَاطِلٌ لِوُجُوهٍ: أَوَّلُهَا: أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ سَعِيدٍ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ الَّتِي أَلْزَمَنَاهَا اللَّهُ تَعَالَى فَهِيَ رِوَايَتُهُ وَرِوَايَةُ غَيْرِهِ مِنْ الثِّقَاتِ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ سَعِيدٍ خِلاَفُ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَا قَبْلُ وَهُوَ أَوْلَى بِسَعِيدٍ. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ قَدْ يَتَأَوَّلُ سَعِيدٌ فِي الأَطِّلاَءِ أَنَّهُ بِخِلاَفِ حُكْمِ سَائِرِ الشَّعْرِ، وَأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ شَعْرُ الرَّأْسِ فَقَطْ. وَرَابِعُهَا: أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: كَمَا قُلْتُمْ لِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ خِلاَفُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ دَلَّ عَلَى ضَعْفِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ ; لأََنَّهُ لاَ يَدَعُ مَا رُوِيَ إِلاَّ لِمَا هُوَ أَقْوَى عِنْدَهُ مِنْهُ ; فَالأَوْلَى بِكُمْ أَنْ تَقُولُوا لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم خِلاَفَ مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ: دَلَّ ذَلِكَ عَلَى ضَعْفِ تِلْكَ الرِّوَايَةِ عَنْ سَعِيدٍ، إذْ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ بِخِلاَفِ مَا رَوَى فَهَذَا اعْتِرَاضٌ أَوْلَى مِنْ اعْتِرَاضِكُمْ. وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِ سَعِيدٍ فِي الأَطِّلاَءِ فِي الْعَشْرِ إنَّمَا أَرَادَ عَشْرَ الْمُحَرَّمِ لاَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ ; وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّهُ أَرَادَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ وَاسْمُ الْعَشْرِ يُطْلَقُ عَلَى عَشْرِ الْمُحَرَّمِ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَسَادِسُهَا: أَنْ نَقُولَ: لَعَلَّ سَعِيدًا رَأَى ذَلِكَ لِمَنْ لاَ يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ، فَهَذَا صَحِيحٌ، وَأَمَّا قَوْلُ عِكْرِمَةَ فَفَاسِدٌ، لأََنَّ الدِّينَ لاَ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ عِكْرِمَةَ وَرَأْيِهِ، إنَّمَا هَذَا مِنْهُ قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ الْقِيَاسُ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ، لأََنَّهُ لَيْسَ إذَا وَجَبَ أَنْ لاَ يَمَسَّ الشَّعْرَ، وَالظُّفْرَ، بِالنَّصِّ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَجْتَنِبَ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، كَمَا أَنَّهُ إذَا وَجَبَ اجْتِنَابُ الْجِمَاعِ وَالطِّيبِ، لَمْ يَجِبْ بِذَلِكَ اجْتِنَابُ مَسِّ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ. فَهَذَا الصَّائِمُ فَرْضٌ عَلَيْهِ اجْتِنَابُ النِّسَاءِ، وَلاَ يَلْزَمُهُ اجْتِنَابُ الطِّيبِ، وَلاَ مَسُّ الشَّعْرِ، وَالظُّفْرِ وَكَذَلِكَ الْمُعْتَكِفُ، وَهَذِهِ الْمُعْتَدَّةُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الْجِمَاعُ وَالطِّيبُ، وَلاَ يَلْزَمُهَا اجْتِنَابُ قَصِّ الشَّعْرِ وَالأَظْفَارِ. فَظَهَرَ حَمَاقَةُ قِيَاسِهِمْ وَقَوْلِهِمْ فِي الدِّينِ بِالْبَاطِلِ، وَهَذِهِ فُتْيَا صَحَّتْ عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَلاَ يُعْرَفُ فِيهَا مُخَالِفٌ مِنْهُمْ لَهُمْ، فَخَالَفُوا ذَلِكَ بِرَأْيِهِمْ. وَرَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلاً، فَخَالَفُوا الْمُرْسَلَ وَالْمُسْنَدَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|